نشر هذا البحث في مجلة كلية الآداب، جامعة المنصورة
العدد التاسع والخامسون، أغسطس، 2016م
اضغط هنا للحصول على مستلة البحث PDF
اضغط هنا للحصول على البحث نصًّا كاملًا بصيغة ورد
يدرس هذا البحث نماذج لنصوص شعرية تعددت فيها نسبتها إلى شاعرين أو أكثر من شعراء الجاهلية، مع تحديد أشهر الأسباب التي قد تؤدي إلى تعدد النسبة واستعراضها وتحليلها وترجيح النسبة إلى شاعر أو تصحيحها، وهي (الاشتراك في الوزن والقافية، والوهم في النسبة، والاشتراك في الاسم، وعدم التدقيق في المصدر، والاشتراك في ذكر موضوع أو حادثة، والعصبية، والتمثل بالأبيات، واشتهار الشاعر بنمط، والمصادر غير الموثوقة، وأسباب أخرى) ويهدف هذا البحث إلى مساعدة جامعي الشعر الجاهلي خصوصًا والشعر عمومًا، ودارسي الشعر الجاهلي ومحققي التراث في تحديد نسبة الشعر إلى قائله أو ترجيح النسبة.
الكلمات المفتاحية: الشعر الجاهلي اختلاف النسبة الدواوين
من المشكلات التي تواجه دراسي الشعر الجاهلي وجامعيه ومحققي التراث تحقيق نسبة الأبيات المتنازع عليه، ولهذا يقسم بعض محققي الدواوين وجامعيه أقساما ثلاثة أو أربعة (الشعر صحيح النسبة، ما نسب إليه وهو له، ما نسب إليه وليس له، ما نسب إليه ولغيره).
ويهدف هذا البحث إلى تعيين أشهر الأسباب المؤدية إلى اختلاف نسبة الشعر الجاهلي مع بيان مناط الترجيح إن تبين.
والباعث لهذا البحث ما وقفت عليه من خلل في تحديد نسبة بعض الأبيات كما هو مدون في هذا البحث، ومِن تعامل بعض محققي التراث مع نسبة الشعر كقصيدة
تطاولَ ليلُك بالأَثْمُدِ ونامَ الخليُّ ولم ترقدِ
فقد علق محققو المقاصد النحوية للعيني بقولهم: «وهي في ديوان امرئ القيس بن حجر الكندي وهو في ديوانه مع كثرة طبعاته دار صادر (٨٤) كما أنها في كتاب أشعار الستة الجاهليين وهو مختارات للأعلم الشنتمري في شرح تلك الأشعار انظر ١٢٩ المختارة رقم ٣١ وعلى ذلك فنسبة القصيدة لغير امرئ القيس يكون تخبطًا ودعوى بلا دليل وأما كتبه العيني أو غيره في ذلك فيقرأ لأنه من التراث...».([1])
وهذه حكم فيه وهن؛ فكثرة الطبعات ليست دليلا؛ لأن هذه الطبعات إما منقولة عن طبعة أقدم أو أنها طبعة تجارية غير علمية مثل نشرة دار صادر لديوان امرئ القيس، أو أنها طبعة تعتمد على الرواية نفسها.
ومن الخلل التفريق بين كتاب أشعار الستة الجاهليين وبين ديوان امرئ القيس بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم؛ لأن المحقق اعتمد على كتاب الشنتمري وجعله الأساس ثم ألحق به الروايات الأخرى والزيادات.
ولهذا فقول محققي المقاصد النحوية إن نسبة القصيدة لغير امرئ القيس بن حجر «يكون تخبطًا ودعوى بلا دليل» فيه نظر؛ لأن ثمة أدلة قوية في نسبتها إلى امرئ القيس بن عابس الكندي، وقال البغدادي: «والمشهور أن هذه القصيدة لامرئ القيس بن عانس الصحابي، قاله جماعة».([2])
وممن تناول هذا الموضوع من زاوية واحدة د.عبدالحفيظ السطلي في جمعه ديوان أمية بن أبي الصلت؛ فقد خصص فصلا لدراسة الاضطراب في رواية شعره، وجعله في أربع طبقات: أسرة أمية بن أبي الصلت، وتشابه الأسماء، وبسبب الموضوعات الدينية، وبسبب الوهم والتصحيف وما أشبه.([3]) واستفدت من دراسته.
وقد يساعد هذا البحث الدارسين وجامعي الدواوين ومحققي التراث في تقليص نسبة الاختلاف في نسبة الشعر إلى أكثر من شاعر، أو ترجيح نسبة الشعر.
وتعتمد هذه الدراسة على نماذج مختارة؛ وركزت على امرئ القيس لشهرته وعدي بن زيد العبادي لليونة شعره والمتلمس لأنه تنقل بين الحاضرة والبادية، ودواوين هؤلاء الشعراء محتوية على أغلب الأسباب التي استنبطتها، مع ذكر أمثلة أخرى حسب ما يقتضيه البحث.
وليس المقصود من هذا البحث حصر الأسباب أو الاستقصاء لكل النصوص، ولعل هذا البحث يفتح مجالات أرحب لدراسات مطولة عن نسبة الشعر الجاهلي.
السبب الأول: الاشتراك في الوزن والقافية
إن الاشتراك في الوزن والقافية مظنة لتداخل النسبة، وقد يكون أشهر الأسباب وأكثرها؛ وذلك أن الاشتراك فيهما لا يدخله خلل من حيث تعيين الوزن والقافية؛ فلا يحصل تداخل بين أبيات من الطويل والبسيط، أو بين أي من حروف القافية أو أسمائها كقافية المتكاوس([4]) وقافية المتواتر([5])، أو بين قافية مؤسسة وغير مؤسسة([6]) أو مردوفة وغير مردوفة([7])، ومن أمثلة ذلك:
النص الأول: معلقة امرئ القيس، فيها أبيات نسبت إليه وإلى تأبط شرًا:
وَقِربَةِ أَقوامٍ جَعَلتُ عِصامَها عَلى كاهِلٍ مِنّي ذَلولٍ مُرَجَّلِ
وَوادٍ كَجَوفِ العَيرِ قَفرٍ قَطَعتُهُ بِهِ الذِئبُ يَعوي كَالخَليعِ المُعَيَّلِ
فَقُلتُ لَهُ لَمّا عَوى إن شأننا قَليلُ الغِنى إن كُنتَ لَمّا تَمَوَّلِ
كِلانا إذا ما نالَ شَيئًا أَفاتَهُ وَمَن يَحتَرِث حَرثي وَحَرثَكَ يهزَلِ
فهذه الأبيات لم ترد في رواية الأصمعي بشرح الأعلم([8])، وأوردها السكري ونص على أنها: «مما لم يروه الأصمعي».([9])
وفي شرح أبي جعفر النحاس ذكر المحقق أن الأبيات وردت بخط مختلف عن خط النص الأصيل ويبدو أنها أضيفت ولم يجزها الناسخ. ([10])
ووردت في رواية المفضل (نسخة أبي الحسن الطوسي عن ابن الأعرابي عن المفضل)، وقال الشارح (مجهول) بعد البيت الثالث: «وتروى هذه الأبيات الثلاثة لتأبط شرا، فمن رواها له قال: فقلت له لما عوى إن ثابتًا».([11])
فهو هاهنا يثبت رواية المفضل للبيت الرابع. وهو نص مشكل؛ لأنه حدد الأبيات الثلاثة ولم يتكلم على الرابع وهو مرتبط بالثلاثة.
وقال ابن الأنباري: «وروى بعض الرواة هاهنا أربعة أبيات وذكر أنها من هذه القصيدة خالفه فيها سائر الرواة، وزعموا أنها لتأبط شرًا ... فهذه الأبيات الأربعة رواها بعض الرواة في قصيدة امرئ القيس، وزعم الأصمعي وأبو عبيدة وغيرهما أنها ليست منها».([12])
وقال الزوزني:«لم يرو الجمهور الأئمة هذه الأبيات الأربعة في هذه القصيدة وزعموا أنها لتأبط شرا أعني وقربة أقوام إلى قوله وقد أغتدي، ورواها بعضهم في هذه القصيدة هنا».([13])
وقال التبريزي: «وروى بعض الرواة ههنا أربعة أبيات، وذكر أنها من القصيدة، وخالفه فيها سائر الرواة وزعموا أنها لتأبط شرا ...» ثم ذكر الأبيات وشرحها، ثم قال: «فهذه الأبيات الأربعة من الزيادات فيها».([14])
وقال البغدادي: «وهذا البيت من أبيات أربعة رواها الرواة لتأبط شرًا منهم الأصمعي وأبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات وابن قتيبة في أبيات المعاني، وخالفهم أبو سعيد السكري وزعم أنها لامرئ القيس ورواها في معلقته المشهورة بعد قوله :
كأن الثريا علقت في مصامها بأمراس كتان إلى صم جندل»
ثم ذكر الأبيات وقال: «وهذا الشعر أشبه بكلام اللص والصعلوك لا بكلام الملوك».([15])
والأبيات مع أخر في ديوان تأبط شرًّا المجموع.([16])
فالأصمعي لم يروها حسب شرح الأعلم، ونص السكري، وفي نص ابن الأنباري أن الأصمعي وأبا عبيدة عرفا الأبيات وزعما أنها ليست من المعلقة.
فسبب تردد النسبة بين امرئ القيس وتأبط شرًّا هو الاشتراك في الوزن والقافية بين النصين.
والذي يترجح لي أن نسبتها إلى تأبط شرًا أقوى؛ لأن أغلب الرواة المتقدمين نصوا على أنها ليست لامرئ القيس، ولأنها أشبه بشعر الصعاليك كما ذكر البغدادي.
النص الثاني:
يشتاقُ قلبي إلى مليكةَ لو أمسى قريبًا لمن يطالبُها
ما أحسنَ الجِيدَ مِن مليكةَ والـ ـلبَّاتِ إذ زانها ترائبُها
يا ليتني ليلةً إذا هَجَعَ النـ ـناسُ ونامَ الكلابُ صاحبُها
في ليلةٍ لا نرى بها أحدًا يحكي علينا إلا كواكبُها
وهي في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([17])، وفي التخريج: «الأبيات تنسب لعدي بن زيد في شرح شواهد المغني 142، وتنسب لأحيحة بن الجلاح في الأغاني (س) 13/115، والأول ينسب لعدي في الرماني 366 ، 370 والكتاب 1/361 والخزانة 2/18 ، وبدون نسبة في إعراب القرآن 1/137».
ولم ينقل المحقق نص عبدالقادر البغدادي بالرغم من أنه رجع إلى الخزانة، وهو نص مهم: «وهذا البيت نسبه الشارح المحقق إلى عدي بن زيد، موافقة لشراح شواهد سيبويه ولم ينسبه سيبويه في كتابه إلى أحد، وإنما أورده غفلاً. وقد تصفحت ديوان عدي بن زيد مرتين فلم أجده فيه؛ وإنما هذا البيت من أبيات لأحيحة بن الجلاح الأنصاري، أثبتها له الأصبهاني في الأغاني».([18])
فيلحظ أن البغدادي لم ينسبه إلى عدي كما ذكر محقق ديوان عدي بل ذكر أن شارح الكافية([19]) نسبه، وأما البغدادي فهو ينفي النسبة إلى عدي.
ونقل المحقق في الحاشية قول السيوطي في شرح شواهد المغني: «هذا لعدي بن زيد. قاله سيبويه وقيل لبعض الأنصار حكاه الزمخشري في شرح أبيات الكتاب».
وهناك خلاف في نسبة الشعر في كتاب سيبويه هل هو من سيبويه نفسه أو ممن أتى بعده كما يرى البغدادي.([20])
ولم يتعرض أبو جعفر النحاس إلى نسبة البيت في شرح أبيات كتاب سيبويه.([21])
وقال ابن السيرافي: «والشعر في الكتاب منسوب إلى عدي بن زيد، وما رأيته له، وهو منسوب إلى رجل من الأنصار، وأظن أني رأيته منسوبًا إلى غير الأنصار».([22])
وقد ذكر السيوطي: «ثم رأيت صاحب الأغاني قال إن هذه الأبيات لأحيحة بن الجلاح بن الجريش الأوسي ...».
ويلحظ أن النسبة في كتاب سيبويه وما يتعلق به عائدة إلى البيت الرابع فقط.
ولعل أو من تنبه إلى الاشتراك في الوزن والقافية بين النصين هو ابن الشجري في الأمالي –ونقله عنه البغدادي في الخزانة-؛ إذ قال: «والبيت الذي ذكره سيبويه يقع في أكثر نسخ الكتاب غير منسوب إلى شاعر مسمى، ووجدته في كتاب لغوي منسوبًا إلى عدي بن زيد، وتصفحت نسختين من ديوان شعر عدي فلم أجد فيهما هذه المقطوعة، بل وجدت له قصيدة على هذا الوزن وهذه القافية ، أولها:
لم أرَ مثلَ الأقوامِ في غَبَنَ الـ ـأيـام ينسون ما عواقبُها
يرون إخوانَهمْ ومصرعَهمْ وكيف تعتاقهمْ مخالبُها
فما تُرَجِّي النفوسُ مِن طَلَبِ الـ ـخيـرِ وحبُّ الحياةِ كاذبُها»([23])
وعبارة ابن السيرافي تنفي أنه وقف على نسبة الشعر لعدي، وتصفح ابن الشجري نسختين من ديوان عدي، ونص البغدادي على أنه راجع ديوان عدي بن زيد مرتين ولم يجد الأبيات.
والأبيات الأربعة مع ثلاثة أخر في ديوان أحيحة بن الجلاح المجموع([24]) نقلا عن الأغاني وخزانة الأدب، والحيوان، وتزيين الأسواق، وخلاصة الوفا في أخبار دار المصطفى، ولم يشر إلى الاختلاف في نسبة البيت الرابع.
وسبب اختلاف النسبة يرجع إلى الاتفاق في البحر والروي بين قصيدة أحيحة بن الجلاح:
يشتاقُ قلبي إلى مليكةَ لو أمسى قريبًا لمن يطالبُها
وبين قصيدة عدي بن زيد العبادي في 31 بيتًا التي مطلعها([25]):
لَم أَرَ مِثلَ الفِتيانِ في غَبَنِ الـ ـأيّامِ يَنسونَ ما عَواقِبُها
وليس فيها أي من الأبيات الأربعة في قصيدة أحيحة بن الجلاح. وبناء على هذا فإن النسبة الصحيحة هي نسبتها إلى أحيحة بن الجلاح.
النص الثالث:
لعدي بن زيد العبادي قصيدة من الطويل على روي الدال المكسورة، عدتها حسب الديوان المطبوع 49 بيتًا، مطلعها:([26])
أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ مِن أُمِّ مَعبَدِ نَعَم وَرَماكَ الشَوقُ قَبلَ التَجَلُّدِ
ولطرفة بن العبد البكري معلقته المشهورة على البحر والروي نفسه، عدتها حسب رواية الأصمعي 103 بيت([27]):
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وقد نسبت عدة أبيات إليهما بسبب الاشتراك في الوزن والقافية، وهي:
1-عنِ المرءِ لا تسألْ وَسَلَ عنْ قرينِهِ فكلُّ قَرِينٍ بالمقارِنِ يَقْتَدِي
ورد في أصل الديوان المخطوط لعدي بن زيد العبادي([28])، وأما في معلقة طرفة فلم يروه الأصمعي ولم يورده الأنباري. وأضيف في ملحق ديوان طرفة([29]) مع ثلاثة أبيات أخرى عن المنتحل([30]) للثعالبي.
وقال ابن النحاس: «وأنشدوا بيتين لا يعرفهما الأصمعي ولا نظراؤه من أهل اللغة وهما لعدي بن زيد:
لَعَمرُكَ ما الأَيامُ إلّا مُعارَةٌ فَما اسطَعتَ مِن مَعروفِها فَتَزَوَّدِ
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وأبصرْ قرينَه فإنَّ القَرينَ بالمقارِنِ يَقتَدي»([31])
فالمترجح في هذا البيت نسبته إلى عدي بن زيد، وأما نسبته إلى طرفة بن العبد فمشكوك فيها كثيرًا ولم يعرفه أهل اللغة الموثوق بهم.
2- وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
أضافه المحقق في ديوان عدي بن زيد العبادي([32]) وهو البيت (34) نقلا عن التمثيل والمحاضرة وعيار الشعر.
وهو ثابت في ديوان طرفة بن العبد بشرح الأعلم من رواية الأصمعي([33]) وهو البيت (78) فيه.
وقال أبو جعفر النحاس: «وروى يعقوب بن السكيت بعد هذا بيتا وهو»([34])
وقال ابن الأنباري: «وقال أبو جعفر: ليس هذا البيت من قصيدة طرفة إنما هو لعدي بن زيد العبادي».([35])
وتأريخيًا طرفة بن العبد أقدم من عدي بن زيد العبادي؛ لأن طرفة عاصر الملك عمرو بن هند وهو قبل النعمان بن المنذر الذي عاصره عدي بن زيد.([36]) ويحتمل أن عدي بن زيد تمثل به واقتبسه.
ولعل نسبته إلى طرفة بن العبد أرجح.
3- وَأَصفَرَ مَضبوحٍ نَظَرتُ حَويرَهُ عَلى النارِ واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([37])، وفي التخريج : «البيت في المعاني الكبير 1149 (لعدي)، وفي الغفران 335 (لعدي وطرفة)، واللسان م/جمد (لعدي وطرفة). ولـ(طرفة) في ديوانه وفي التبريزي 105».
وقول محقق ديوان عدي: «لطرفة في ديوانه» يوهم أنه في أصل الديوان المخطوط المروي؛ وإنما هو في ملحق ديوان طرفة (153).([38])
وقد اختلف رأي المعري وابن ابري في نسبة هذا البيت؛ فقال المعري في رسالة الغفران: «وهذا البيت يتنازع فيه فينسبه إليك قوم وينسبه آخرون إلى عدي بن زيد وهو بكلامك أشبه، والبيت».([39])
وقال ابن بري في مادة (جمد): «البيت لطرفة بن العبد، ويروى لعدي بن زيد، وهو الصحيح».([40])
وكلام ابن بري مشكل؛ لأنه في مادة (عقب) نص على أن البيت لطرفة، قال: «لأَنَّ سِهَامَ المَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة؛ كَقَوْلِ طَرَفَةَ:
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ نَظَرْتُ حُوارَه على النّارِ واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ»([41])
والذي يظهر لي أن وصف (الصحيح) هو نسبة البيت إلى طرفة وجملة (ويروى لعدي بن زيد) معترضة. وأصل الكلام (البيت لطرفة بن العبد وهو الصحيح ويروى لعدي بن زيد). لا سيما أن حواشي ابن بري كانت إملاء وقد نص على أن البيت لطرفة ثم أعقبه بصيغة التمريض لعدي. ([42])
وقال ابن الأنباري: «وروى أبو عمرو الشيباني هاهنا بيتًا لم يروه الأصمعي ولا ابن الأعرابي وهو».([43])
ونقل الزبيدي في (جمد): «وكان لأصمعي يقول: المجمد في بيت طرفة هو الداخل في جمادى»([44]) وهذا مضطرب؛ لأن الأصمعي لم يرو البيت، وقوله (في بيت طرفة) استنتاج من الزبيدي ليست في الأصل الذي نقل عنه، فقد ورد في الصحاح بعد إنشاد بيت طرفة:« وكان الأصمعي يقول: هو الداخل في جمادى».([45])
ولعل نسبته إلى طرفة أرجح لأنه بكلامه أشبه كما علل المعري.
ومما يلحق بهذا البيت:
وإنّي لَأَغنى الناسِ عَن مُتَكَلِّفٍ يَرى الناسَ ضُلّالاً وَلَيسَ بِمُهتَدي
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([46])، وفي التخريج : «العمدة 2/14 (لعدي وقيس بن الخطيم)، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه 73».
ونص ابن رشيق في العمدة: «وقال قيس بن الخطيم ويروى لعدي». فهو قد نص على أن النسبة إلى قيس بن الخطيم، ثم أعقبه بصيغة التمريض لعدي. وليس كما أشار إليه محقق ديوان عدي.
وقد انفرد ابن رشيق بهذه الصيغة، والذي في المصادر التراثية أنه لقيس بن الخطيم([47]). ولم أقف على من أورد نسبته ولو شكًا إلى عدي بن زيد العبادي.
وهو في ديوانه من قصيدة دالية عدتها 22 بيتًا مطلعها:
تَروحُ مِنَ الحَسناءِ أَم أَنتَ مُغتَدي وَكَيفَ انطِلاقُ عاشِقٍ لَم يُزَوَّدِ
وذكر محقق ديوان قيس بن الخطيم نص ابن رشيق.
ولعل سبب الوهم اشتراك البيت في الوزن والقافية مع قصيدة عدي بن زيد بن العبادي.
السبب الثاني: الوهم في النسبة:
قد يهم أحد المؤلفين في نسبة بيت، وغالبًا ما يقترن هذا الوهم بالانفراد بالنسبة ويكون سببه غالبًا الاشتراك في الوزن والقافية، وقد يتعقبه مَن بعده في تصحيح النسبة.
النص الأول:
تَصبو وأَنّى لَكَ التَصابي والرأسُ قد شابه المَشيبُ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([48])، وفي التخريج: «البيت في اللسان م/شيب وفي مقاييس 3/232 والصحاح م/شيب (العجز فقط) ينسب لعدي بن زيد، وينسب لعبيد بن الأبرص في ديوانه 12، وكذلك في التبريزي 327»
ونقل المحقق عن اللسان (قال ابن بري: هذا البيت زعم الجوهري أنه لعدي، وهو لعبيد بن الأبرص).
أما الصحاح فهو مصدر لسان العرب؛ وفي الصحاح: «قال ابن السكيت في قول عدي»، ولم أجد العجز في مصنفات ابن السكيت المطبوعة (إصلاح المنطق، والألفاظ).
فالوهم إما من ابن السكيت وتبعه الجوهري، أو من الجوهري في نقله عن ابن السكيت. وأما تعقيب ابن بري ففي كتابه التنبيه والإيضاح.([49])
النص الثاني:
ومن أمثلة الوهم أن ينسب المؤلف النص إلى اثنين في الكتاب نفسه كما في البيت:
كتفاها كما يُشَعِّبُ قَيْنٌ قَتَبًا فوقَ صَنعةِ الأقتابِ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([50]) وفي التخريج: «البيت في الخيل 74 (ينسب لعدي بن زيد) وينسبه نفس المصدر 155 في قصيدة طويلة إلى عقبة التغلبي»
وقد ورد البيت ضمن قصيدة لعقبة التغلبي عدتها عشرون بيتًا.
ومما يؤكد أن الوهم من المؤلف أو من الناسخ ورود أبيات من القصيدة مبثوثة في الكتاب منسوبة إلى عقبة التغلبي([51]) كالبيت:
أُخذتْ مِن مُهَلَّبٍ وصَريحٍ فنمى عِتْقُها ومِن حَلّابِ
فقد ورد في (67)، والبيتان:
والرِّياحيّ ابن وَقْعَةَ والضَّيـ ـف بقايا نَزَائِعٍ ونِجابِ([52])
أفحلُ الخيلِ كلِّهنّ جوادٌ مِن جِيادِ عَتيقةِ الأنسابِ
وردا في (67-68)، والبيت:
في تَليلٍ كأنه جِذْعُ نَخْلٍ مُتمَهِلٍّ مشذَّبِ الأكرابِ
والبيت:
وترى مَعقدَ القَلادة منها سلسًا ذا ذوائبٍ وسبابِ
وردا في (69)، والبيت:
ولها بِركةٌ كجؤجؤ هيقٍ ولبانٌ مضرّجٌ بالخضابِ
ورد في (75)، والبيت:
رُكِّبتْ في قوائمٍ عَجِرَاتٍ سلبِاتٍ شديدةِ الإكرابِ
وردا في (79) ([53]) و(81)، والبيت:
ولها قُرحةٌ إذا اختلط الليـ ـلُ أضاءت جبينَها كالشِهابِ
ورد في (109)، وفي كلها منسوبًا إلى عقبة التغلبي.
النص الثالث:
ولشؤمِ البغي والغَشْمِ قَدِيمًا ما خلا جَوْفٌ ولم يَبْقَ حمارُ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([54])، وفي التخريج: «ياقوت/جوف، البكري 405 (لعدي) ثمار القلوب 65 (للأفوه الأودي)».
ويشبه أن يكون ما لدي البكري في معجم ما استعجم وهمًا؛ وللأفوه الأودي قصيدة في ديوانه([55]) عدتها ثلاثون بيتًا، مطلعها:
إِنْ تَرَىْ رَأْسِيَ فِيه قَزَعٌ وشَواتِي خَلَّةٌ فِيها دُوارُ
ومما يؤيد نسبة البيت إلى الأفوه: ربيع الأبرار.([56])
النص: الرابع
أكُلَّ امرئٍ تحسبينَ امرأً ونارٍ تُوقَّدُ بالليلِ نارا
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([57])، وفي التخريج: «البيت في الكامل 247، 825 (لعدي) وينسب لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه المجموع 353».
وقد وهم المبرد في نسبة البيت إلى عدي بن زيد؛ قال المبرد: «وأنشد سيبويه لعدي بن زيد».
وعلق محقق الكامل([58]): «وبعده في زيادات ر: الصحيح أنه لأبي دواد الإيادي، وبهامش الأصل ما نصه: إنما أنشد سيبويه هذا البيت في كتابه لأبي دواد الإيادي وهو ثابت في ديوان شعره وقبله: ...». ([59])
وهو في الكتاب([60]) منسوب إلى أبي دواد الإيادي.
النص الخامس:
أيها الشامتُ المُعَيِّرُ بالشيـ ـب أقِلّنَّ بالشبابِ افتخارا
وهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([61])، وفي التخريج: «البيت في شرح درة الغواص 165 (لعدي) وفي شرح شواهد المغني 20 (لرؤبة بن العجاج)».
وفي شرح درة الغواص نقل الخفاجي عن ابن بري، وله حواش على درة الغواص وقال فيها :« قال عدي بن زيد:
أيها الشامتُ المُعَيِّرُ بالدَّهْـ ـرِ أأنتَ المبرأُ الموفورٌ
وقال -أيضًا- في قصيدة أخرى:
أيها الشامت المعير بالشيـ ـب أَقِلَّنَّ بالشبابِ افتخارا».([62])
فالوهم من ابن بري، وسبب الوهم في النسبة راجع إلى أمرين:
الأول: أن رؤبة لم يشتهر عنه الشعر بل الرجز.
الثاني: أن لعدي بن زيد العبادي قصيدة مشهورة مطلعها:
أَيُّها الشامِتُ المُعَيِّرُ بِالدَهـ ـ ـر أَأَنتَ المُبَرَّأُ المَوفورُ
واستشهد ابن بري بالمطلع، فتشابه الصدران مما أدى إلى الوهم في النسبة.
ولم أجد غير ابن بري وهم في هذه النسبة، وقد نص غيره على أنه مع بيت آخر لرؤبة([63])، وقال البغدادي: «ولم أر له في ديوانه من غير الرجز إلا هذين البيتين:
أيها الشامت المعير بالشيـ ـبِ أَقِلَّنَّ بالشباب افتخارا
قد لبستُ الشبابَ غضًا طريًا فوجدتُ الشبابَ ثوبًا معارا
وبيتين آخرين وهما ...».([64])
النص السادس:
بأبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الـ ـ ـماءِ قدْ جِيبَ فوْقَهُنَّ خَنِيفُ
هو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي في الشعر المنسوب لعدي ولغيره من الشعراء([65])، وفي التخريج: «اللسان م/برق (لعدي)، وفي الغفران 133 (لأبي زبيد الطائي)».
والنسبة في لسان العرب (برق) من ابن بري.([66])
وورد البيت في بعض أصول لسان العرب في مادة (خنف) منسوبًا إلى أبي زُبيد الطائي كالعين([67])، والمحكم([68]) وكذا ورد في اللسان (خنف) ولم يعلق عليه ابن بري. ولم يعلق في هذه المادة إلا على بيت لأبي وجزة([69])، لذا فإن احتمال وهم ابن بري في نسبة البيت إلى عدي بن زيد كبير في مادة (برق) ولعل سبب الوهم أنه في أول التعليق ذكر بيت عدي بن زيد:
ودَعا بالصَّبُوحِ يَوْمًا فجاءَتْ قَيْنةٌ فِي يَمينِها إبْرِيقُ
والبيت محل النزاع لأبي زُبيد الطائي في شعره المجموع([70]) من المقطوعة [37] وعدتها خمسة أبيات، وهو البيت الثالث.
وذكر جامع شعره في تخريج الشعر([71]) أن الثالث ورد مع أبيات أخر في المعاني الكبير (1/499-500)، وأنه في ديوان عدي، ورسالة الغفران 136 وفي الغفران 144.
وهو هم في الموضع الأول؛ إذ لم يرد البيت في الموضع الأول.
السبب الثالث: الاشتراك في الاسم
وصنفت مصنفات في متشابه أسماء الشعراء مثل (المكاثرة عند المذاكرة)([72])، و(المؤتلف والمختلف)([73])، (المذاكرة في ألقاب الشعراء) ([74])، و(من اسمه عمرو من الشعراء) ([75]) ، ويرجع اختلاف النسبة إلى سببين:
أ-كثرة تشابه الأسماء في الشعراء والقبائل، ومن أمثلة ذلك (امرؤ القيس)، و (الأعشى)، و(النابغة)، و(عمرو).
ب- الاقتصار في المصادر التراثية على الاسم الأول مما يؤدي إلى اللبس في النسبة.
وقد يزداد الإيهام حين يشترك شاعران في الاسم والقبيلة، مثل امرؤ القيس بن حجر الكندي، وامرؤ القيس بن عابس الكندي([76]). وقد عد الآمدي عشرة شعراء اسمهم (امرؤ القيس) أربعة منهم من كندة. وجمع السندوبي من تسمى بامرئ القيس سواء أكان شاعرًا أو بطنًا من بطون العرب فأوصلهم إلى 28 اسمًا.([77])
وقال الآمدي: «ولأن الغلط يقع في مثله، من شاعر مشهور، وممن له مثل ذلك الاسم كثيرا ويجري اللبس فيه على من لم يتمهر في معرفة الشعر والشعراء دائمًا».([78])
ومن أمثلة اختلاف النسبة بسبب الاشتراك في تسمية امرئ القيس:
النص الأول:
وَاللَهُ أَنجَحُ ما طَلَبتَ بِهِ وَالبِرُّ خَيرُ حَقيبَةِ الرَّحْلِ
وهو في ديوان امرئ القيس بن حجر المطبوع([79])، من قصيدة عدتها 22 بيتًا، مطلعها:
حَيِّ الحَمولَ بجانِبِ العزلِ إِذ لا يُلائِمُ شَكلها شَكلي
وهي ليست من رواية الأصمعي ولا المفضل الضبي. وأوردها الأعلم من القصائد المتخيرات من غير رواية أبي حاتم عن الأصمعي([80])، ووردت في زيادات نسخة السكري الثانية([81])، وعند أبي جعفر النحاس([82]) أن الأصمعي نسبها إلى ابن أحمر.
وقال أبو الفرج في الأغاني: «الشعر لامرئ القيس بن عابس الكندي، هكذا روى أبو عمر الشيباني، وقال: إن من يرويه لامرئ القيس بن حجر يغلط».([83]) ونقل الحمدوني خبر الغناء في التذكرة([84]) مع نسبته إلى امرئ القيس بن عابس الكندي.
أما في بعض المصادر التراثية فورد منسوبًا إلى امرئ القيس بن حجر الكندي كما في الإعجاز والإيجاز: «يقال إن أمير الشعر شعر أمير الشعراء وهو امرؤ القيس وأمير شعره قوله»([85]) ، وباسم (امرؤ القيس) مقرونًا مع أبيات أخر لامرئ القيس بن حجر الكندي في: الشعر والشعراء([86])، والتمثيل والمحاضرة([87])، والحماسة المغربية([88])، وديوان المعاني([89]) في خبر صدر «يروى أنه قيل للفرزدق».
والبيت وحده منسوبًا إلى امرؤ القيس في جمهرة الأمثال للعسكري([90])، والعمدة ([91])، وممن نص على أنه لابن عابس ابن عبدالبر في بهجة المجالس([92]) فقد نقل عن الحاتمي نصًا وأضاف إليه الاحتراز([93]) :«قال الحاتمي: أشعر بيت قالته العرب، قول امرئ القيس (ابن عانس لا ابن حجر) ...».
وورد فيه –أيضًا- ([94]) منسوبًا لامرئ القيس بن عانس الكندي.
فنسبته إلى امرئ القيس بن عابس الكندي هي الصحيحة، ووقع الاختلاف بسبب الاشتراك في الاسم واسم القبيلة.
النص الثاني:
أَيا هِندُ لا تَنكِحي بُوهَةَ عَلَيهِ عَقيقَتُهُ أَحسَبا
وهي قصيدة في سبعة أبيات، وردت في ديوان امرئ القيس بن حجر الكندي من رواية الأصمعي([95])، ونص أبو سعيد السكري على أنها من رواية أبي عبيدة([96]) وهذا يعني أنه لا يرى أن الأصمعي رواها. ولم ترد في نسخة الطوسي (رواية المفضل)، وقال أبو جعفر النحاس: «وزعموا أنها منحولة ورواها أبو عبيدة».([97])
وقال الآمدي: «ومنهم امرؤ القيس بن مالك الحميري القائل:
يا هند لا تنكحي بوهة * عليه عقيقته أحسبا
مرسعة وسط أرباعه * له عسم يبتغي أرنبا
ليجعل في رجله كعبها * حذار المنية أن يعطبا
وهي أبيات تروى لامرئ القيس بن حجر الكندي، وذلك باطل؛ إنما هن لامرئ القيس هذا الحميري وهي ثابتة في أشعار حمير».([98])
النص الثالث:
أذود القوافي عني ذيادا ذياد غلام جريٍّ جوادا
فأعزل مرجانها جانبًا وآخذ من درها المستجادا
فلما كثرن وعنَّينه تخير منهن سرًّا جِيادا
وردت النتفة في ديوان امرئ القيس([99]) من نسخة الطوسي مما أورده من رواية المفضل لكن جامع النسخة المجهول قال: «وليس في رواية المفضل وزعم ابن الكلبي أنها لرجل يلقب بالذائد».
ولم ترد في شرح أبي جعفر النحاس لديوان امرئ القيس، ووردت في شرح السكري.([100]) وفي مقدمة شرح أبي بكر البطليوسي :«ولقب الذائد لقوله:».([101])
ونسبها الآمدي إلى امرؤ القيس بن بكر بن امرئ القيس بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي وذكر أنه جاهلي يلقب بـ(الذائد).
وهو في سلسلة النسب يلتقي مع امرئ القيس بن حجر الكندي في معاوية بن ثور بن مرتع الكندي، ولعل امرأ القيس بن حجر تمثل بها.
النص الرابع:
إِلى اللَهِ أَشكو الَّذي قَد أَرى مِنَ النائِباتِ بِعافٍ وَعالِ
فقد نسب ابن فارس في مقاييس اللغة([102]) البيت إلى أمية بن أبي الصلت؛ وهو في ديوانه المجموع بنشرتيه فيما أنشد لأمية وليس له([103])، وإنما هو لأمية بن عائذ الهذلي([104]) من قصيدة عدتها 83 بيتًا، مطلعها :
أَلا يا لِقَومِ لَطيفِ الخَيالِ يُؤَرِّقُ مِن نازِحٍ ذي دلالِ
والبيت المذكور هو الحادي عشر فيها.
السبب الرابع: عدم التدقيق في المصدر:
قد يستعجل بعض الباحثين أو يسند البحث في المصادر إلى آخرين كطلابه، أو يعتمد على باحث أو مصدر قبله، ولا يتحقق من صحة المعلومة في المصدر مما يؤدي إلى خطل في النسبة؛ ومن ذلك:
النص الأول:
وكسرى إذ تقسَّمه بنوه بأسيافٍ كما اقْتُسِمَ الِّلحامُ
تمخَّضت المنونُ له بيومٍ أَنَى ولكلِّ حاملةٍ تَمَامُ
فقد نسب إلى عدي بن زيد العبادي في ملحق ديوانه([105])، وفي التخريج :« البدء والتاريخ 3/172. السيرة 1/69 (لخالد بن حق الشيباني)».
وبعد مراجعة كتاب البدء والتاريخ تبين أن إضافة النسبة من المحقق المستشرق الفرنسي كليمان هوار وليست في أصل الكتاب، والنص في الكتاب: «وفيه يقول الشاعر [وهو عدي بن زيد]» ولم يشر إلى أنه من نسخة، بل هي إضافة من عنده!
فلم يدقق محقق ديوان عدي بن زيد في المصدر الذي نقل منه وتبع المستشرق في تدخله في النص.
النص الثاني:
حَنَتني حانِياتُ الدَهرِ حَتّى كَأَنّي خاتِلٌ يَدنو لِصَيدِ
قَصيرُ الخطوِ يَحسَبُ مَن رَآني وَلَستُ مُقَيَّداً أَمشي بِقَيدِ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([106])، وفي التخريج: « البيتان في الأغاني 2/353، 357 (لعدي)، وفي سمط 332 والحماسة (س) 323 والخزانة 3/426 والمعمرون 72 (لأبي الطمحان القيني)، وفي الأمالي 1/109 (دون نسبة)، وفي الأغاني 11/125 (لأبي الطمحان القيني وللمسجاح بن سباع الضبي).»
ونقل المحقق في الحاشية ما في الأغاني (ونسبة الشعر .. لعدي بن زيد ، وقيل: إن بعضه له وقد أضافه المغنون إليه).
وقد خلط المحقق ولم يفهم نص أبي الفرج؛ وسبب الخلط أن أبا الفرج الأصفهاني أورد البيتين ثم قال: «الغناء لحنين الحيري ثقيل أول: وفيه لإبراهيم الموصلي ماخوري جميعاً عن ابن المكي، ووافقه عمرو بن بانة في لحن إبراهيم [الموصلي]. ونسبة الشعر الذي غناه حنينٌ في منزل سكينة -عليها السلام- يقال: إنه لعدي بن زيد، وقيل: إن بعضه له وقد أضافه المغنون إليه.»
وقد نص أبو الفرج على أن الشعر الذي يقال إنه لعدي بن زيد هو الذي غناه حنين في منزل سكينة، وقد ورد ذكره قبل هذا بصفحتين([107])، وأول الخبر: «حدثنا عبيد بن حنين الحيري قال: كان المغنون في عصر جدي أربعة نفرٍ ثلاثة بالحجاز وهو وحده بالعراق، والذين بالحجاز: ابن سريج والغريض ومعبد، فكان يبلغهم أن جدي حنينًا قد غنى في هذا الشعر:
هلا بكيت على الشباب الذاهب وكففت عن ذم المشيب الآئب
هذا ورب مسوفين سقيتهم من خمر بابل لذةً للشارب
بكروا علي بسحرةٍ فصبحتهم من ذات كوبٍ مثل قعب الحالب
بزجاجة ملء اليدين كأنها قنديل فصح في كنيسة راهب
قال: فاجتمعوا فتذاكروا أمر جدي وقالوا: ما في الدنيا أهل صناعة شر منا، لنا أخٌ بالعراق ونحن بالحجاز، لا نزوره ولا نستزيره. ... فقال له ابن سريج: إن كان لك من الشرف والمروءة مثل ما لمولاتي سكينة بنت الحسين عطفنا إليك؛ فقال: مالي من ذلك شيء، وعدلوا إلى منزل سكينة. فلما دخلوا إليها أذنت للناس إذنًا فغصت الدار بهم وصعدوا فوق السطح، وأمرت لهم بالأطعمة فأكلوا منها، ثم إنهم سألوا جدي حنينًا أن يغنيهم صوته الذي أوله: هلا بكيت على الشباب الذاهب ، فغناهم إياه ...».
فظن المحقق أن كلام أبي الفرج منصرف إلى البيتين، وإنما هو منصرف إلى البائية؛ وسبب الوهم عدم تدقيقه في النص.
وقد نص أبو الفرج في موضع آخر في الأغاني كما نقله المحقق على نسبة الشعر لأبي الطمحان القيني ونقل أبو الفرج عن ابن حبيب نسبته أيضا إلى المسجاح بن سباع الضبي.
وللمسجاح بن سباع مقطوعة من الوزن والقافية نفسها في الحماسة([108]).
النص الثالث:
زَنيمٌ تَداعاهُ الرِجالُ زِيادَةً كَما زَيدَ في عرضِ الأَديمِ الأَكارِعُ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([109])، وفي التخريج :«الإتقان 1/126 (لعدي)، اللسان م/زنم (منسوب لحسان بن ثابت وللخطيم التميمي) وهو غير موجود في ديوان حسان بن ثابت».
ودعوى نسبة البيت إلى عدي في الإتقان غير صحيحة؛ فليس في الإتقان ذكر النسبة بل فيه «قال الشاعر» وهي من مسائل نافع بن الأزرق المشهورة.
ولا أعلم من أين أتى المحقق بالنسبة، وقد رجعت إلى عدة طبعات أخرى كالتي بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم([110])، وبتحقيق مصطفى شيخ مصطفى([111])، ومركز الدراسات القرآنية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف([112]) وكلها متفقة في عدم النسبة، وكذلك في أصل مسائل نافع بن الأزرق([113]) فلم ترد منسوبة. والخلاف في نسبتها ينحصر بين حسان بن ثابت والخطيم التميمي، ولم أقف على من ذكر عدي بن زيد العبادي.
ومما يشاكل هذا ما فعله عبدالقدوس أبو صالح في جمعه ديوان يزيد بن مفرغ الحميري حين اعتمد على نشرة محمود شاكر لطبقات الشعراء لابن سلام؛ فقد زاد محمود شاكر بيتًا من تأريخ الطبري ليس في أصل الكتاب ولم ينتبه عبدالقدوس أبو صالح إلى هذا.([114])
وممن انتبه إلى زيادات محمود شاكر على أصل الكتاب د.محمد شفيق البيطار في جمعه شعر زهير بن جناب الكلبي.([115])
وكما تقدم ذكره في بيت طرفة:
وأصفر مضبوح
فلم ترد النسبة إلى طرفة في المحكم ولا جمهرة اللغة ولا تهذيب الألفاظ.
السبب الخامس: الاشتراك في ذكر موضوع أو حادثة:
وهذا السبب مرتبط باشتهار الشاعر بنمط كما سيأتي؛ لكن هنا بالعكس؛ وهو اتحاد الموضوع واختلاف الشعراء.
النص الأول:
حكاية قصير حين جدع أنفه مع الزباء.
ومِن حَذَرِ الأيامِ ما حَزَّ أنفَهُ قَصِيرٌ ولاقَى الموتَ بالسيفِ بَيْهَسُ
نَعَامةُ لمّا صَرَّعَ القومُ رَهْطَهُ تبيَّنَ في أثوابِهِ كيفَ يَلبَسُ
والبيتان من قصيدة للمتلمس الضبعي، وانفرد الجاحظ في الحيوان([116]) بنسبتها إلى عدي بن زيد العبادي كما في ملحق ديوانه.([117])
علمًا بأن الجاحظ أورد البيتين في البيان والتبين ولم ينسبهما([118]).
وعلق محقق ديوان المتلمس على النسبة الواردة في الحيوان بالتعجب أن ينسب هذا القول إلى أبي عمرو الشيباني وهو أحد رواة ديوان المتلمس([119]).
ولعل الجاحظ التبست عليه النسبة بسبب نص لعدي بن زيد العبادي يذكر فيه خبر قصير وجدع أنفه([120]):
ألا يا أيها المثري المرجى ألم تسمع بخطب الولينا
دَعا بالبَقَّة الأُمَراءَ يومًا جَذيِمَةُ عَصْرَ يَنْجُوهُمْ ثُبِينَا
...
فطاوَعَ أَمرَهم وعَصَى قَصِيرًا وكان يقول لو تَبعَ اليَقينَا
...
أَطَفَّ لأَنْفِهِ المُوَسى قصِيرٌ لَيجْدَعَهُ وكان به ضَنِينَا
فأَهْواهُ لِمَارنهِ فأَضحَى طِلابَ الوِتْرِ مجْدُوعًا مَشِينَا
والحيوان أسبق تأليفا من البيان والتبين([121])، فيحتمل أن الجاحظ تنبه إلى خطأ نسبته في الحيوان فسكت عن النسبة في البيان والتبين.
النص الثاني:
ذكر الحضر والساطرون
والحضر حصن عظيم على شاطئ الفرات والساطرون ملك فحاصره أردشير بن بابك أول ملوك الفرس، وأخذ البلد وقتله. والبيت المتنازع عليه:
وأرى الموتَ قَد تدلى من الحَضْ رِ على رَبِّ أهلِه الساطرونِ
فقد نسب إلى عدي بن زيد العبادي في ملحق ديوانه([122]): «البيت في ياقوت م/حضر. ولأبي دؤاد الإيادي اللسان م/سطر والطبري 2/47 وديوانه 347 ، وبدون نسبة في ابن خلدون 1/254».
ولعل سبب اختلاف النسبة عند ياقوت في معجم البلدان راجع إلى أن عدي بن زيد العبادي قد ذكر هذه الحادثة في شعره([123]):
وَأَخو الحَضرِ إِذ بَناهُ وَإِذ دِجْـ لة تُجنى إِلَيهِ وَالخابورُ
شادَهُ مَرمَراً وَجَلَّلَهُ كِلْـ ـسا فَلِلطَيرِ في ذُراهُ وُكورُ
لَم يَهَبهُ رَيبُ المَنونِ فَبادَ الْـ ـملك عَنهُ فَبابُهُ مَهجورُ
وتأمل رَبُّ الخَوَرنَقِ إِذ أَشْـ ـرفَ يَومًا ولِلهُدى تَفكيرُ
وكثيرا ما ترد أبيات عدي مقرونة بأبيات أبي دؤاد الإيادي عند ذكر حادثة الحضر وملكه الساطرون، كما في الحور العين([124])، والسيرة النبوية([125])، ووفيات الأعيان([126]).
والبيت المتنازع عليه يرد لأبي دؤاد مع بيت آخر
وأرى الموت قد تدلى من الحض ر على رب أهله الساطرون
صرعته الأيام من بعد ملك ونعيم وجوهر مكنون
على أن ابن هشام نص على أن البيت ينسب إلى خلف الأحمر وقيل حماد الراوية.
النص الثالث:
مَنْ كانَ ذا عَضُدٍ يُدركْ ظُلامتَهُ إِنّ الذليل الذي ليسَتْ له عُضُدٌ
فهو في ديوان المتلمس (الشعر المنسوب إلى الشاعر)([127])، نقلًا عن جمهرة الأمثال للعسكري، وذكر محقق الديوان أن الجاحظ في الحيوان والبيان والتبين، وابن قتيبة في عيون الأخبار والشعراء والشعراء، وابن رشيق في العمدة نسبوا البيت مع رديف له إلى الثقفي (الأجرد)، ونسب إلى عبدالله بن المعتز في المنتحل.
ولعل العسكري اشتبه عليه هذا البيت بقصيدة المتلمس وهي على القافية والوزن نفسه، وموضوعهما واحد في الحماسة وطلب الثأر وعدم الذلة، ومطلع قصيدته التي عدتها تسعة أبيات:([128])
إِنَّ الهَوانَ حِمارُ القَومِ يَعرِفُهُ والحُرُّ يُنكِرُهُ والرَّسلَةُ الأُجُدُ
أما نسبت البيت محل النزاع إلى ابن المعتز فلعله تمثل به، كما سيأتي من أسباب.
السبب السادس: العصبية
أشار ابن سلام الجمحي في طبقات الشعراء إلى دور العصبية في وضع بعض الأشعار، وقال: «فلما راجعت العرب رواية الشعر، وذكر أيامها ومآثرها، استقل بعض العشائر شعر شعرائهم، وما ذهب من ذكر وقائعهم. وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم، ثم كانت الرواة بعد، فزادوا في الأشعار التي قيلت. وليس يشكل على أهل العلم زيادة الرواة ولاما وضعوا، ولاما وضع المولدون، وإنما عضل بهم أن يقول الرجل من أهل البادية من ولد الشعراء، أو الرجل ليس من ولدهم، فيشكل ذلك بعض الإشكال.».([129])
ثم ذكر خبر داود بن متمم بن نويرة وزيادته في شعر أبيه. وذكر أن قصيدة أبي طالب في مدح النبي صلى الله عليه وسلم «قد زيد فيها وطولت».([130])
وقد تكون العصبية عكسية كما ذكر ابن سلام عن حسان بن ثابت: «وقد حمل عليه ما لم يحمل على أحد لما تعاضهت قريش واستبت وضعوا عليه أشعارًا كثيرة لا تنقى».([131])
ومن الأمثلة على العصبية في نسبة الشعر:
النص الأول:
مقدمة معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي؛ فقد ذكر أبو بكر عاصم البطليوسي عن ابن الكلبي: «أعراب كلب ينشدون هذه القصيدة لابن حذام».([132])
وفصَّل ابن حزم رواية ابن الكلبي وذكر عنه أن أعراب كلب كانوا إذا سئلوا بماذا بكى ابن حمام الديار؟ أنشدوا خمسة أبيات متصلة من أول: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل، ويقولون إن بقيتها لامرئ القيس.([133])
النص الثاني:
قصيدة بشار بن برد البائية التي منها:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
وقد ورد في الأغاني([134]) محاورة بين علي بن يحيى (المنجم) وإسحاق الموصلي عن نسبة أبيات بشار بن برد إلى المتلمس، وأذكر النص بطوله لتضمنه حجاجًا في نفي نسبة الأبيات إلى المتلمس.
قال أبو الفرج: «أخبرني يحيى بن علي قال حدثني أبي قال: كان إسحاق الموصلي يطعن على شعر بشار ويضع منه ويذكر أن كلامه مختلف لا يشبه بعضه بعضًا؛ فقلنا: أتقول هذا القول لمن يقول:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحدًا أو صل أخاك فإنه مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
... قال علي بن يحيى: وهذا الكلام الذي ليس فوقه كلام من الشعر ولا حشو فيه؛ فقال لي إسحاق: أخبرني أبو عبيدة معمر بن المثنى أن شبيل بن عزرة الضُّبَعِيّ أنشده هذه الأبيات للمتلمس؛ وكان عالمًا بشعره لأنهما جميعًا من بني ضُبَيْعَة؛ فقلت له: أفليس قد ذكر أبو عبيدة أنه قال لبشار: إن شبيلاً أخبره أنها للمتلمس؛ فقال: كذب والله شبيل، هذا شعري، ولقد مدحت به ابن هبيرة فأعطاني عليه أربعين ألفًا. وقد صدق بشار، قد مدح في هذه القصيدة ابن هبيرة. وقال فيها:
رويدا تصاهل بالعراق جيادنا كأنك بالضحاك قد قام نادبه
وسام لمروان ومن دونه الشجا وهول كلج البحر جاشت غواربه
أحلت به أم المنايا بناتها بأسيافنا إنا ردى من نحاربه
وكنا إذا دب العدو لسخطنا وراقبنا في ظاهر لا نراقبه
ركبنا له جهرًا بكل مثقف وأبيض تستسقي الدماء مضاربه
ثم قلت لإسحاق: أخبرني عن قول بشار في هذه القصيدة:
فلما تولى الحر واعتصر الثرى لظى الصيف من نجم توقد لاهبه
وطارت عصافير الشقائق واكتسى من الآل أمثال المجرة ناضبه
غدت عانة تشكو بأبصارها الصدى إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه
... قال: وهذا من أحسن ما وصف به الحمار والأتن، أفهذا للمتلمس أيضًا؟! قال: لا؛ فقلت: أفما هو في غاية الجودة وشبيه بسائر الشعر، فكيف قصد بشار لسرقة تلك الأبيات خاصة! وكيف خصه بالسرقة منه وحده من بين الشعراء وهو قبله بعصر طويل! وقد روى الرواة شعره وعلم بشار أن ذلك لا يخفى، ولم يعثر على بشار أنه سرق شعراً قط جاهليًا ولا إسلاميًا. وأخرى فإن شعر المتلمس يعرف في بعض شعر بشار؛ فلم يردد ذلك بشيء».
وأوردها محقق ديوان المتلمس في ملحق الديوان([135]) وخرجها لكنها لم يعلق على نسبة الأبيات.
ومما يؤكد أن أبا عبيدة لم يعتد براوية شبيل بن عزرة أن ديوان المتلمس المطبوع من روايته ولم يرد النص في الديوان.
ويحتمل أن شبيل بن عزرة الضبعي حسد بشارًا على جودة النص كما حسده إسحاق الموصلي، وعلم أن للمتلمس نصًّا على البحر والروي نفسه في ثلاثة أبيات مطلعها: ([136])
عصاني فما لاقى الرشاد وإنما * تبين من أمر الغويّ عواقبه
فنسب أبيات بشار إلى المتلمس عصبيةً، على أن هذه الحادثة قد تكون سببًا في الشك في النسبة لدى مؤلفين لاحقين كما حصل من شك في بيت هل هو لبشار أو للمتلمس لدى ابن بري.([137])
السبب السابع: التمثل بالأبيات:
وصنفت مصنفات في الأبيات السائرة التي يتمثل بها ومن المصنفات التمثيل والمحاضرة، والأمثال الصادرة عن بيوت الشعر، وكثير من المختارات الأدبية تتضمن فصولا لأبيات الشعر أو مقطعاته التي يكثر الاستشهاد بها.
والشعراء كغيرهم قد تعجبهم أبيات شعراء آخرين فيتمثلون به؛ ولأنهم شعراء فقد تنسب إليهم هذه الأبيات.
النص الأول:
وقد نبه بعض المصنفين على بعض الأبيات وأنها من باب التمثل؛ كما في الرجز:
إن بني ضرجوني بالدم شنشنة أعرفها من أخزم
من يلق أبطال الرجال يكلم
فقد أنشدها عقيل بن علفة المري في خبر له؛ وذكر ابن دريد في الاشتقاق([138])، واليزيدي في الأمالي([139])، والمرزباني في معجم الشعراء([140]) والعسكري في جمهرة الأمثال([141]) أنها لجد حاتم الطائي أخزم بن أبي أخزم وأن عقيلا تمثل به، وزاد ابن دريد أنها تروى لعقيل والصحيح أنها لأخزم.
وأما الميداني فقد نسبها إلى عقيل بن علفة في موضع([142])، ونسبها إلى أخزم في موضع آخر. ([143])
وقال البغدادي: «وأخطأ ابن خلف أيضًا في شرح أبيات سيبويه في نسبة هذا البيت لعبد الله بن عمر، قاله في ابنه سالم، والصواب أنه تمثل به، لا أنه قاله.
وأخطأ صاحب العباب أيضًا في زعمه أن هذا البيت لدارة أبي سالم، والصواب أنه تمثل به أيضًا، فإن البيت من أبيات لزهير بن أبي سلمى ثابتة في ديوانه.».([144])
النص الثاني:
الحَربُ أَولُ ما تَكونُ فتيَةٍ تَسعى ببزَتِها لِكُلِ جَهولِ
حَتّى إِذا حَميت وَشبَّ ضرامُها عادَت عجوزًا غَيرَ ذاتَ حَليلِ
شَمطاءَ جزت شعرَها وَتَنَكَرَت مكروهَةٍ للثمِّ وَالتَقبيلِ
في ديوان امرئ القيس من زيادات ابن النحاس([145])، وهي في شرحه المطبوع([146])، وفي شعر عمرو بن معديكرب المجموع،([147]) وأورد جامع شعره الخلاف في نسبتها بين امرئ القيس وبين عمرو، وأورد بعض المصادر التي نصت على أن عمرًا قد تمثل بها مثل الشعر والشعراء وعيون الأخبار كلهما لابن قتيبة، وتأريخ مدينة دمشق لابن عساكر.
النص الثالث:
إن تَغْفِرِ اللهمَّ تغفِرْ جَمّا وأيُّ عبدٍ لَكَ لا أَلَمّا
فقد نسب إلى أمية بن أبي الصلت ونسب إلى أبي خراش الهذلي؛ وناقش د.عبدالحفيظ السطلي النسبتين وبين بطلان نسبتها إلى أبي خراش؛ وأن أبا خراش ضمها إلى بيت له وأنشدهما وهو يطوف؛ لا سيما أن بيت أمية كان مشتهرًا عند العرب تنشده في طوافها كما زعم بعضهم، ومن شهرته تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم.([148]) ولعل أبا خراش تمثل به لشهرته.
ولعل الأبيات السابق ذكرها:
أذود القوافي عني ذيادا * ذياد غلام جري جوادا
مما تمثل به امرؤ القيس بن حجر الكندي فنسبت إليه.
السبب الثامن: اشتهار الشاعر بنمط:
وقد ذكر الجاحظ أن الناس مولعة بنسبة الشعر المجهول إلى شاعر اشتهر بنمط؛ فقد تنسب إليه نصوص بناء على هذا الاشتهار «وقال الجاحظ ما ترك الناس شعرًا مجهول القائل قيل في ليلى إلا نسبوه إلى المجنون ولا شعرًا هذه سبيله قيل في لبنى إلا نسبوه إلى قيس بن ذريح.» ([149]) ، ومما يدخل في هذا الباب قصيدة النابغة الجعدي:
الحَمدُ لِلَّهِ لا شَريكَ لَهُ من لم يَقلها فَنَفسَهُ ظَلَما
فقد نسبت إلى أمية بن أبي الصلت([150])، وإلى النابغة الجعدي.([151])
وذكر د.إبراهيم عوض أنها في ديوان نابغة بني شيبان([152])، ولا أعلم من أين استقى هذه المعلومة؛ فديوان نابغة بني شيبان الذي رجع إليه هو نشرة دار الكتب المصرية وليس فيها هذه القصيدة ولا البيت، بل ليس فيها قصيدة ميمية سوى واحدة.
وقد ناقش د.إبراهيم نسبة القصيدة إلى الشعراء الثلاثة؛ ونفى أن تكون القصيدة جاهلية، وأن نسبتها الصحيحة إلى النابغة الجعدي لما يلي:
1- معانيها كلها تقريبا وكذلك كثير جدا من ألفاظها عبارتها قرآنية.
2-أن في القصيدة عددًا غير قليل من أسماء الله الحسنى وصفاته مما لم يكن للجاهليين عهد ببعضه.
3-أن فيها ذكرًا لفتح بلاد فارس وخضوعهم لسلطان العرب، ولم يقع هذا إلا في عهد عمر بن الخطاب
ولذا توصل إلى أن القصيدة قيلت في الإسلام ثم ناقش نسبتها إلى النابغة الشيباني. وهي مناقشة لا حاجة لها؛ لأن القصيدة ليست في ديوان النابغة الشيباني ولم تنسب إليه.
ثم ذكر أن أقدم مؤرخي الأدب العربي كابن قتيبة وابن سلام والأغاني قد ذكروا هذه القصيدة للنابغة الجعدي لا النابغة الشيباني.
كما نقل في بداية المناقشة نص ابن عبدالبر في الاستيعاب([153]) عن النابغة الجعدي–ونقله عنه البغدادي في الخزانة- :«وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء والجنة والنار، وصفة بعض ذلك على نحو شعر أمية بن أبي الصلت. وقد قيل إن هذا الشعر لأمية بن أبي الصلت، ولكنه قد صححه يونس بن حبيب، وحماد الراوية؛ ومحمد بن سلاّم، وعلي بن سليمان الأخفش، للنابغة الجعدي».([154])
كما ناقش د.عبدالحفيظ السطلي هذه القصيدة في مقدمة ديوان أمية، ورجح أنها للنابغة الجعدي لأنها أبيات ذات طابع إسلامي.([155])
السبب التاسع: المصادر غير الموثوقة
هناك كتب متأخرة في موثوقيتها نظر؛ أو كتب معاصرة لم يذكر أصحابها الموارد التي استقوا منها، وأكثر هذه النصوص اقترنت بالانفراد في النسبة إلى شاعر. ومن ذلك:
النص الأول:
نُرَقَع دنيانا بتَمزِيق ديننا فلا ديننا يبقَى ولا ما نُرَقَعُ
فهو في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([156])، وفي التخريج: «شيخو 470 (لعدي)، التاج م/رقع (ينسب إلى عبدالله بن المبارك)».
وهذه النسبة إلى عدي مطروحة؛ لأن شيخو صاحب شعراء النصرانية معاصر ولم يذكر المصدر الذي استقى منه النسبة، وشيخو لديه خلل في الأمانة العلمية كما وضحه د.شكري فيصل في تحقيق ديوان أبي العتاهية([157])، ولأن الدلالة التأريخية في اجتماع (دنيانا-ديننا) لم تكن في العصر الجاهلي. ونسبتها إلى عبدالله بن المبارك كما في ديوانه المجموع([158]) أو لإبراهيم بن أدهم هو الصحيح.
النص الثاني:
وقد ذكر د.عبدالحفيظ السطلي عدة نماذج لأبيات أوردها بشير يموت في نشرته لديوان أمية بن أبي الصلت، ولم يبين بشير مصادره، وقد انفرد بنسبة هذه الأبيات، ومنها:
فَصَلَقنا في مُرادٍ صَلقَةً وَصُداءٍ أَلحَقَتهُم بِالثَّلَل
فقد أدرجه بشير يموت في نشرته لديوان أمية؛ وذكر د.عبدالحفيظ مجموعة من المصادر نسبت البيت إلى لبيد بن ربيعة وهم أبو الطيب اللغوي في الإتباع، وابن دريد في جمهرة اللغة، وابن فارس في مقاييس اللغة، والجوهري في الصحاح واللسان والتاج، صحح نسبة البيت إلى لبيد؛ لما سبق ولأن البيت ضمن قصيدة له في ديوانه.([159])
النص الثالث:
وكذا البيتان:
تُريكَ إذا دَخَلتَ عَلى خَلاءٍ وَقَد أَمِنَت عُيونَ الكاشِحينا
ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ هِجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا
فقد أدرجهما بشير يموت في نشرته لديوان أمية، وهما من معلقة عمرو بن كلثوم.([160])
النص الرابع:
بأقرب دار يا أميمة فاعلمي وما زلت مشتاقًا إذا الركب عرسوا
فقد نقله محقق ديوان المتلمس (الشعر المنسوب للشاعر) ([161]) من شعراء النصرانية وقال في الحاشية: «هذا البيت نقلناه -ونحن نشك في نسبته وقصته- عن كتاب شعراء النصرانية (334)، ولم ينقله المستشرق فولرس في زيادات الديوان مع أنه رجع إلى كتاب الأب لويس شيخو في الكثير من المقطوعات، قال الأب شيخو ولم يذكر المصدر صراحة...».
أسباب أخرى:
هناك اختلاف نسبة لم يظهر لي تحديد سببها، وقد يرجع بعضها إلى الوهم أو السهو، مثل:
النص الأول:
البَس جَديدَكَ إِنّي لابِسٌ خَلَقي وَلا جَديدَ لِمَن لَم يَلبَسِ الخَلَقا
فهي في ملحق ديوان عدي بن زيد العبادي([162])، وفي التخريج: « شيخو 470 (إلى عدي)، الفاخر 297 (ينسب إلى بقيلة الأشجعي)، السمط 154 (دون نسبة).».
أما شيخو فالأرجح أنه أخذ النسبة من حماسة البحتري لا سيما أنها نشرها.([163])
وقد نسب إلى عدي –أيضًا- في التذكرة الحمدونية([164])، وفي الدر الفريد([165]) باسم (علي بن زيد) وقد يكون سبق قلم.
ونسب مع بيتين إلى بقيلة الأكبر في المؤتلف والمختلف (82)، والحماسة البصرية.([166])
ونسبت أبيات على الوزن والقافية نفسها ملحقة بالبيت محل النزاع إلى حسان بن ثابت([167]) ، ونسب إلى بعض بني أسد في التذكرة السعدية (325).
وهذا النص متداخل النسبة.
النص الثاني:
لَسنا كَمَن حَلَّت إيادٌ دارَها تَكريتَ تَنظُرُ حَبَّها أَن يُحصَدا
هو في ديوان المتلمس (الشعر المنسوب إلى الشاعر) ([168])، نقلًا عن الصحاح مادة (منن). والبيت كما ذكر المحقق للأعشى من قصيدة في ديوانه.
ولم يتبين لي سبب اختلاف النسبة لدى الجوهري في الصحاح، وأشبه ما يكون وهمًا.
النص الثالث:
وَمَن يَبغِ أَو يَسعى على الناسِ ظالِمًا يَقَع غَيرَ شَكٍّ لِليَدينِ وَلِلفَمِ
هو في ديوان المتلمس (الشعر المنسوب إلى الشاعر) ([169])، نقلًا عن حماسة البحتري، وذكر المحقق أن البيت لأبي المثلم الهذلي في ديوان الهذليين وشرح أشعار الهذليين.
وأشبه ما يكون وهمًا من البحتري.
الخاتمة:
درس هذا البحث نماذج لنصوص شعرية تعددت فيها نسبتها إلى شاعرين أو أكثر من شعراء الجاهلية، وقد ظهرت للباحث أسباب أدت إلى اختلاف النسبة مثل: الاشتراك في الوزن والقافية، والوهم في النسبة، والاشتراك في الاسم، وعدم التدقيق في المصدر، والاشتراك في ذكر الموضوع أو الحادثة، والعصبية، والتمثل بالأبيات، واشتهار الشاعر بنمط، والمصادر غير الموثوقة. وأسباب لم يظهر للباحث سبب اختلاف النسبة وقد تكون من الوهم.
وجزء كبير من سبب الاختلاف يرجع إلى الوهم وعدم التدقيق في المصادر، وكذا عدم ترتيب المصادر من حيث القوة.
ويرى الباحث أن على دارسي الشعر الجاهلي وجامعيه ومحققي التراث أن يبذلوا جهدهم في التحقق من المصادر، وكذا دراسة المصادر وترتيبها من حيث الموثوقية في النسبة وإذا تعارض مصدران أو أكثر فأيهما يقدم؟
كما يدعو إلى دراسات متخصصة عن نسبة الشعر لدى المؤلفين مثل: نسبة الشعر في الصحاح، ونسبة الشعر عند ابن بري، ونسبة الشعر عند الجاحظ، وغيرهم.
وهذه الدراسات ستفيد في معرفة كثرة الاتفاق في نسبة الشعر أو مخالفته بين هؤلاء المصنفين وبين غيرهم، وكذا الاختلاف في النسبة لدى المصنف نفسه، مما يساعد الباحثين في تنقيح النسبة.
المصادر والمراجع:
المجلات:
([2]) شرح أبيات مغني اللبيب (5/309).
([3]) ديوان أمية بن أبي الصلت، الاضطراب في رواية شعره (139-175).
([4]) المترادف في القافية: ما اجتمع فيه أربع أحرف متحركة بين ساكنين (º////º)، انظر العيون الغامزة (267).
([5]) المتواتر فب القافية: متحرك بين ساكنين (º/º)؛ انظر العيون الغامزة (268).
([6]) التأسيس: ألف لازمة قبل حرف الروي بحرف واحد؛ العيون الغامزة (256).
([7]) الردف: حرف مد أو لين (ألف أو واو أو ياء) قبل حرف الروي مباشرة؛ العيون الغامزة (252).
([8]) ديوان امرئ القيس (8-26).
([9]) ديوان امرئ القيس وملحقاته (244).
([10]) شرح ديوان امرئ القيس (32).
([11]) شرح ديوان امرئ القيس (372).
([12]) شرح القصائد السبع الطوال (80-82).
([13]) شرح المعلقات السبع (143)
([14]) شرح القصائد العشر (69-72).
([15]) خزانة الأدب (1/134-135)، وفي المعاني الكبير (208-209) ثلاثة أبيات من وواد كجوف.
([17]) ديوانه (194) برقم [146].
([18]) خزانة الأدب (3/351 نشرة عبدالسلام هارون)
([19]) الكافية لابن الحاجب عثمان بن عمر بي أبي بكر جمال الدين 646هـ، والشرح لرضي الدين محمد بن الحسن الأستراباذي النحوي 686هـ
([20]) ناقش هذه المسألة د.خالد عبدالكريم جمعة في شواهد الشعر في كتاب سيبويه (181) ويرى أن قول البغدادي غير صحيح وأن نسبة الأبيات منها ما هو من سيبويه ومنها ما هو من غيره، وشكك د.رمضان عبدالتواب في حكاية الجرمي في نسبة أبيات الكتاب عدا خمسين بيتًا؛ انظر: أسطورة الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه، رمضان عبدالتواب، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق - سوريا ، مج 49، ج 1,2 ، تاريخ: 1974 ، الصفحات: 309 - 352، ومقالة: حول نسبة الأبيات في كتاب سيبويه، محمد علي سلطاني، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق - سوريا , مج 49, ج 3,4 ، تاريخ: 1974 ، الصفحات: 882 - 891
([21]) شرح أبيات كتاب سيبويه (144) في الشاهد ذي الرقم [502] نشرة زهير غازي زاهد، و(240) في الشاهد ذي الرقم [474] نشرة أحمد حطاب.
([22]) شرح أبيات سيبويه (2/128) برقم [503].
([23]) أمالي ابن الشجري (1/111).
([26]) ديوانه (102-109) برقم [23]. وقد أضاف المحقق أبياتًا من مصادر فبلغت 23 بيتًا، فخلص الأصل المخطوط 29 بيتًا.
([27]) ديوانه (23-58) برقم [1]. وعدتها عند ابن الأنباري في شرح القصائد السبع الطوال (102) وحسب ترقيم المحقق (103) وعلق عبدالسلام هارون في الحاشية (3) في صفحة (231): «يبدو أنه أسقط من العدد البيت ذو الرقم 101 الذي لم يروه الأصمعي ولا ابن الأعرابي، أو ذو الرقم 78 الذي أنكره أبو جعفر».
([28]) ديوانه (106) برقم (32).
([30]) يرى د.يحيى الجبوري أن (المنتحل) بالحاء المهملة مختصر من (المنتخل) للميكالي، وقد ناقش د.عبدالرازق حويزي نسبة الكتابين (المنتخل) و (المنتحل) ورجح أنهما للثعالبي وأن في أصول (المنتخل) سقطًا. ولذا لم ترد أبيات طرفة الأربعة في المنتخل. انظر: من كنوز تراثنا الشعري كتاب المنتخل دراسة في تصحيح النسبة وتحرير النص والاستدراك عليه.
([31]) شرح القصائد التسع المشهورات (1/296).
([34]) شرح القصائد التسع المشهورات (280) وهو البيت 77 عنده.
([35]) شرح القصائد السبع الطوال (209) وهو البيت 78 عنده. وأبو جعفر هو أحمد بن عبيد بن ناصح.
([36]) المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام (3/306-314).
([37]) ديوانه (196) برقم [149].
([38]) ورد في تخريج البيت في الديوان (222) من ضمن مصادر التخريج: المحكم 3/97 و386، ويوهم أنه ورد فيه منسوبًا إلى طرفة؛ لكنه غير منسوب فيه. وورد أيضا: «الجمهرة (2/69) وفيه يقول: «ويقال لعدي بن زيد العبادي». وهذا غير صحيح؛ لأن النص (ويقال لعدي...) ليس في أصل الجمهرة بل هو مما زاده محقق نشرة دائرة المعارف العثمانية كما وضحه د.رمزي بعلبكي في مقدمة التحقيق (1/19). وقد أشار د.رمزي بعلبكي في تحقيقه للجمهرة (1/29) إلى الخلل الذي وقع فيه كثير من الباحثين بسبب صنيع الناشر الأول. ووقع في هذا الوهم أيضا عبدالسلام هارون في تعليقه (1) في تهذيب اللغة (10/678). وورد أيضا: تهذيب الألفاظ (75). ولم ينسب فيه، بل النسبة إلى طرفة من زيادات الناشر لويس شيخو نشرته كنز الحفاظ. دون الإشارة إلى المصدر. وبذا يتضح أن أقدم مصدر نسبه إلى طرفة هو ابن قتيبة في المعاني الكبير (1149).
([40]) التنبيه والإيضاح (2/16) ونقله ابن منظور في اللسان (جمد).
([41]) التنبيه والإيضاح (1/118) ونقله ابن منظور في اللسان (عقب).
([42]) انظر مقدم تحقيق التنبيه والإيضاح (1/10) في الحاشية (1) إذ أشار المحقق إلى أن نسخة شهيد علي يحمل القسم الأول منها عدد هذه المجالس وتاريخ الانتهاء من كل مجلس.
([43]) شرح القصائد السبع الطوال (229) وهو البيت 101 عنده.
([46]) ديوانه (197) برقم [150].
([47]) انظر تعليق محقق ديوان قيس بن الخطيم في (128-129) وفي (133) خرَّج البيت من البيان والتبين للجاحظ والعمدة. يزاد عليه: التذكرة السعدية (332)، ومنتهى الطلب (6/361)، والتذكرة الحمدونية (2/340)، وربيع الأبرار (2/594).
([48]) ديوانه (193) برقم [145].
([49]) التنبيه والإيضاح (1/101).
([50]) ديوانه (196) برقم [148]
([51]) ويرد باسم عقبة بن مكدم كما في (69)، و(75)، (79)
([52]) كذا ورد البيت في المطبوع، وصدره مضطرب.
([53]) ورد براوية «سلطات» بدلا من «سلبات».
([54]) ديوانه (197) برقم [151]، وأثبت المحقق رواية (قدما) في المتن وهي موافقة لمطبوعة معجم ما استعجم بتحقيق السقا. وأشار في الحاشية إلى رواية ثمار القلوب (قديما) ولم يشر إلى أنها وردت أيضا في معجم البلدان. وهي الصحيحة ورواية (قدما) ينكسر بها الوزن. وقد سكن المحقق الروي (حمارْ) والصواب الضم.
([55]) ديوانه (72) برقم [11]، والديوان مطبوع عن مخطوطة محمد محمود ابن التلاميد الشنقيطي، وقد جمع الشنقيطي الديوان من مظان التراث ونص على أن الرائية من الحماسة البصرية. انظر مقدمة الديوان (37-40).
([57]) ديوانه (199) برقم [153]
([58]) الكامل في الحاشية (4) في صفحة (376).
([59]) قول محقق الكامل: «في زيادات ر» يوهم أن هذه الزيادات من الأصل المخطوط الذي طبعت عنه النشرة الاستشراقية، والذي يظهر أنها من زيادات المستشرق؛ إذ لم يشر إلى مصدر الزيادة.
([60]) بتحقيق هارون (1/66)، وبولاق (1/33)، ونسب إلى أبي دواد الإيادي في شرح أبيات سيبويه لأبي جعفر النحاس نشرة زاهد (69) برقم [158]، و(81) برقم [154] نشرة أحمد حطاب. ولم أقف على البيت في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي.
([61]) ديوانه (199) برقم [154]
([62]) حواشي ابن بري على درة الغواص (795 نشرة القرفي)، و (159 نشرة سلطان) وعلق في الحاشية (2) على البيت الثاني: «ولكن الخفاجي في شرح الدرة ص ١٦٥ انساق وراء الحريري ونسبه لعدي» وهذا غير صحيح؛ لأن الحريري (درة الغواص 76 نشرة الجوائب، 458 نشرة القرفي) لم يورد البيت فكيف ينسبه؟! والخفاجي إنما نقل عن ابن بري (شرح الدرة 165 نشرة الجوائب)، (458-459 نشرة القرفي)، وثمة إشكال في نشرة القرفي لحواشي ابن بري في رواية بيت رؤبة إذا ورد في المطبوع (795): «المعير بالدهر»، وورد في المطبوعة نفسها في شرح الدرة ونشرة الجوائب من الشرح نفسه وفي نشرة سلطان لحواشي ابن بري: «المعير بالشيب»، والذي يظهر لي أنه خلل من القرفي لم ينتبه له.
([63]) تأريخ مدينة دمشق لابن عساكر (18/228) وعنه السيوطي في شرح شواهد المغني، ومعجم الأدباء (3/1312)، ومعاهد التنصيص (1/18)، الوافي بالوفيات (14/99).
([65]) ديوانه (201) برقم [158].
([66]) التنبيه والإيضاح (3/436) وورد فيه (حنيف) بالحاء المهملة وهو تصحيف صوابه بالمعجمة (خنيف).
([67]) العين (4/275) مادة (خ ن ف ).
([68]) المحكم (5/133) مادة (خ ن ف ).
([69]) التنبيه والإيضاح (3/349).
([70]) شعر أبي زُبيد الطائي (117).
([71]) شعر أبي زُبيد الطائي (169).
([72]) تصنيف جعفر بن محمد الطيالسي؛ علق حواشيه محمد بن تاويت الطنجي، 1376هـ ، 1956م
([73]) تأليف أبي القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي (٣٧٠هـ)، تحقيق عبدالستار فراج، القاهرة ١٣٨١ـ-١٩٦١م، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه.
([74]) تصنيف أبي المجد أسعد بن إبراهيم الشيباني الأربلي المعروف بمجد الدين النشابي الكاتب المتوفى سنة 657هـ، تحقيق شاكر العاشور، سلسلة خزانة التراث، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، الطبعة الأولى 1988م
([75]) تصنيف عبدالله محمد بن داود بن الجراح (ت 296هـ) تحقيق أ.د.عبدالعزيز ناصر المانع. إصدارات كرسي الدكتور عبدالعزيز المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها، جامعة الملك سعود، الرياض
([76]) عابس: بالعين المهملة والباء الموحدة المعجمة والسين المهملة، كما في المؤتلف والمختلف للدارقطني (1557)، والإكمال لابن ماكولا (6/17). ونص العيني في شرح المقاصد النحوية (596)، والسيوطي في شرح شواهد المغني (731)، والعباسي في معاهد التنصيص (1/172) أنه عانس بالنون. وقال البغدادي في شرح أبيات مغني اللبيب (5/310): «بالنون ورأيته مصححًا في نسخة المؤتلف والمختلف للآمدي بالنون».
([77]) شرح ديوان امرئ القيس ويليه أخبار المراقسة وأشعارهم وأخبار النوابغ وأشعارهم في الجاهلية وصدر الإسلام (245).
([80]) ديوان امرئ القيس (441) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم.
([81]) ديوان امرئ القيس وملحقاته (647).
([82]) شرح ديوان امرئ القيس (80).
([84]) التذكرة الحمدونية (9/36).
([85]) الإعجاز والإيجاز (174)، والتمثيل والمحاضرة (46)، وخاص الخاص (75).
([86]) الشعر والشعراء (1/114).
([88]) الحماسة المغربية (1242)
([90]) جمهرة الأمثال للعسكري (2/382)
([92]) بهجة المجالس (1/587)، وورد في الموضعين بالنون.
([93]) هذا الاحتراز سقط من إحدى النسخ (نسخة دار الكتب المصرية)، ومما يرجح أن الاحتراز من كلام ابن عبدالبر أن النص المنقول في حلية المحاضرة (2/74) فيه ذكر لامرئ القيس فقط.
([95]) ديوان امرئ القيس (128) برقم [18].
([96]) ديوان امرئ القيس وملحقاته (532) برقم [16].
([97]) شرح ديوان امرئ القيس (149).
([99]) ديوان امرئ القيس (248).
([100]) ديوان امرئ القيس وملحقاته (640-641) برقم [48].
([101]) شرح أشعار الستة الجاهلية (7).
([102]) مقاييس اللغة (4/113-114) مادة (ع ل و).
([103]) ديوانه (555 نشرة السطلي)، وأمية بن أبي الصلت حياته وشعره (343 نشرة الحديثي)، وذكرا أنه لأمية بن عائذ الهذلي.
([104]) شرح أشعار الهذليين (2/494)، والبيت المذكور ورد في رواية الأصمعي وهي رواية جمعت بين صدر بيت وعجزه، وانظر ذلك في شرح أشعار الهذليين (2/496).
([105]) ديوانه (203) برقم (161)
([106]) ديوانه (198) برقم [152]
([108]) شرح ديوان الحماسة، لأبي علي المرزوقي (1/1009) برقم [352].
([109]) ديوانه (201) برقم [157].
([110]) الإتقان (2/66)، وقد اعتمد على نسخة نفيسة محفوظة بالمكتبة الآصفية بحيد رآباد بالهند برقم (163) بخط تلميذ السيوطي جرامرد الناصري الحنفي سنة 833هـ وقرأها على السيوطي وأجازه بها، انظر مقدمة التحقيق (10).
([111]) الإتقان (266)، ولم يعتمد على أصل مخطوط.
([113]) المسألة (95)، في صفحة (107).
([114]) لعل أول من نبه إلى هذا عباس الجراخ في مقالته المنشورة: ديوان يزيد بن مفرغ الحميري : تتمة واستدراك، عباس هاني الجراخ، مجلة العرب س 34 ، ج1 ، 2 ( رجب / شعبان 1419 ، نوفمبر / ديسمبر 1998 ) .- ص 112
([115]) ديوان زهير بن جناب الكلبي (112).
([117]) ديوانه (200) برقم [155].
([118]) البيان والتبين (4/17).
([119]) ديوانه (117) بقية الحاشية (1).
([120]) ديوانه (181) برقم [138].
([121]) في البيان والتبين (3/302): «كانت العادة في كتاب الحيوان أن أجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطعات الأعراب ونوادر الأشعار لما ذكرت عجبك بذلك فأحببت أن يكون حظ هذا الكتاب من ذلك أوفر إن شاء الله» وانظر تعليق المحقق في الحاشية (2).
([122]) ديوانه (205) برقم (163).
([123]) ديوانه (88) برقم (16).
([125]) السيرة النبوية (1/71).
([126]) وفيات الأعيان (5/165).
([129]) طبقات [فحول] الشعراء (1/46).
([130]) طبقات [فحول] الشعراء (1/245).
([131]) طبقات [فحول] الشعراء (1/215).
([133]) جمهرة أنساب العرب (426).
([136]) ديوانه، النص العاشر (193).
([137]) ديوانه، الشعر المنسوب إلى الشاعر (268). وقال المحقق: «رواه ابن منظور بهذه العبارات في اللسان». والصواب أن ابن منظور نقله من حواشي ابن بري؛ فالشك ليس من ابن منظور بل من ابن بري كما في التنبيه والإيضاح (1/89)، وفيه: «وعلى هذا يتوجه البيت المنسوب إلى المتلمس أو لبشار بن برد».
([139]) أمالي اليزيدي (48-49).
([140]) معجم الشعراء (164-165).
([141]) جمهرة الأمثال (1/542).
([142]) مجمع الأمثال (3/332-333) في المثل [4078] : من يلق أبطال الرجال يُكْلَمِ.
([143]) مجمع الأمثال (2/155-156) في المثل [1933] : شنشنة أعرفها من أخزم.
([145]) ديوان امرئ القيس (353).
([146]) شرح ديوان امرئ القيس (86) برقم [13].
([147]) شعر عمرو بن معديكرب (153).
([148]) ديوانه (161-163 نشرة السطلي)، وانظر الرجز في أمية بن أبي الصلت حياته وشعره (256 نشرة الحديثي).
([150]) ديوانه (489 نشرة السطلي)، وأمية بن أبي الصلت حياته وشعره (347 نشرة الحديثي).
([151]) ديوان النابغة الجعدي (147).
([152]) النابغة الجعدي وشعره (53).
([153]) الاستيعاب (4/1515) برقم [2648]
([154]) النابغة الجعدي وشعره (52-56).
([156]) ديوانه (200) برقم (156).
([157]) ديوانه (11-14)، ومن الأمثلة البيت:
وإذا ذكرت محمدًا ومصابه فاذكر مصابك بالنبي محمد
حرفه إلى: وإذا ذكرت العابدين وذلهم فاجعل ملاذك بالإله الأوحد
وأحيانًا يحذف كما حذف البيت : وهو الذي بعث النبي محمدًا صلى الإله على النبي المصطفى
([158]) ديوان عبدالله بن المبارك (148 ما نسب له ولغيره وفيه أنها نسبت إلى إبراهيم بن أدهم).
([159]) ديوانه (157-158 نشرة السطلي)، وأمية بن أبي الصلت حياته وشعره (363 نشرة الحديثي) ووضعه في قسم (ما نسب إليه حديثًا) نقلًا عن بشير يموت، وأثبت أنها للبيد.
([160]) ديوانه (169 نشرة السطلي)، و(371) فيما نسب إليه حديثًا ورجح عدم نسبتها إلى أمية.
([162]) ديوانه (202) برقم [159].
([163]) الحماسة (217) برقم [1143]، والبيت في (425) برقم [1151] نشرة المجمع الثقافي في أبو ظبي.
([164]) التذكرة الحمدونية (2/340).
([166]) الحماسة البصرية (914) برقم [775].
([167]) ديوانه حسان بن ثابت (1/430) برقم [251]